المنتحر التونسي في رسالة لأمه علي الفيس بوك: مسافر.. وسامحيني!
الأحد 16 يناير 2011
كانت عملية الانتحار التي أقدم عليها الشاب التونسي محمد بو عزيزي- 36 سنة- بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس في ربوع ولاية سيدي بوزيد التي تقع في وسط تونس وتعتبر من أكثر الولايات التونسية فقراً لأن المنطقة شهدت بعد الانتحار تطورات وأحداثاً ساخنة من احتجاجات ومظاهرات شعبية غاضبة انتقلت إلي كل أرجاء البلاد علي مدي بضعة أيام خلت إلي أن انتهي الأمر بمغادرة الرئيس التونسي زين العابدين علي البلاد ورحيله مع أسرته إلي السعودية.
وكأن الشاب التونسي قد حرص علي تدوين كل الأسباب التي دفعته للإقدام علي الانتحار بحرق نفسه أمام مقر ولاية سيدي بو زيد علي صفحته الشخصية علي موقع التعارف الاجتماعي فيس بوك حيث قال: حصلت علي مؤهل عال منذ سنوات ومع ذلك فشلت في الالتحاق بوظيفة محترمة ولأنني العائل الوحيد لعائلة كبيرة العدد ولأن لي شقيقاً معاقاً بحاجة إلي علاج ثابت استدنت مبلغاً من المال من أحد أصدقائي لشراء كمية من الخضراوات بهدف التجارة فيها لكن تم حجز بضاعتي من قبل أعوان التراتيب وعندما اعترضت ضربوني ضرباً مبرحاً فذهبت إلي أحد المسئولين بالولاية لتقديم شكوي له لكنهم منعوني وتحدثوا معي علي أنني حشرة.
بعد هذه الكلمات توجه محمد بو عزيزي برسالة إلي والدته دون أن يوضح تماماً ما ينوي فعله قال فيها: "مسافر يا أمي سامحيني ما يفيد الملام.. ضايع في طريق ما هو بايدي سامحيني إن عصيت لك كلام.. رايح يا أمي من غير رجوع".
وبعدها بساعات قام أحد أصدقائه بنشر صورة التقطها لمحمد بو عزيزي بعدما أشعل النار في نفسه أمام مقر ولايته علي نفس الصفحة لتخرج كل أسرته وجيرانه في مظاهرة غاضبة أمام مقر الولاية.
ومن هنا تحولت صفحة الشاب المنتحر علي الفيس بوك لما يشبه الموقع الاخباري الذي ينقل أول بأول آخر المستجدات في تونس بعد الأحداث الدامية التي شهدتها البلاد في أعقاب الحادث. فبات الفيس بوك والشبكات الالكترونية هما المصدر الأول للتونسيين لمعرفة ما يحدث في بلادهم ولرفع ما يقومون بتسجيله علي هواتفهم المحمولة من فيديوهات مرتبطة بالأحداث المؤلمة التي شهدتها بلادهم الأمر الذي جعل الفيس بوك ينفرد بنشر أول مقطع فيديو للرئيس التونسي زين العابدين بن علي وهو يغادر بلاده متوجهاً للمملكة العربية السعودية كما نشر الموقع صوراً للجيش التونسي وهو يتواجد في الشوارع بعدما تسلم زمام السلطة وكان آخر خبر تم نشره علي هذه الصفحات حتي كتابة هذه السطور متعلقاً باطلاق سراح 17 شاباً من السجون التونسية بعدما تم اعتقالهم في المظاهرات لعدم بلوغهم السن القانونية الأمر الذي أثار ارتياحاً كبيراً بين رواد الموقع الشهير من مختلف البلاد العربية.